الديمقراطية تعني في الأصل حكم الشعب لنفسه، لكن كثيرا ما يطلق اللفظ علَى الديمقراطية الليبرالية لأنها النظام السائد للديمقراطية في دول الغرب، وكذلك في العالم في القرن الحادي والعشرين، وبهذا يكون استخدام لفظ "الديمقراطية" لوصف الديمقراطية الليبرالية خلطا شائعا في استخدام المصطلح سواء في الغرب أو الشرق، فالديمقراطية هي شكل من أشكال الحكم السياسي قائمٌ بالإجمال علَى التداول السلمي للسلطة وحكم الأكثريّة بينما الليبرالية تؤكد على حماية حقوق الأقليّات والأفراد [1] وهذا نوع من تقييد الأغلبية في التعامل مع الأقليات والأفراد بخلاف الأنظمة الديمقراطية التي لا تشتمل على دستور يلزم مثل هذه الحماية والتي تدعى بالديمقراطيات اللاليبرالية، فهنالك تقارب بينهما في امور وتباعد في اُخرى يظهر في العلاقة بين الديمقراطية والليبرالية كما قد تختلف العلاقة بين الديمقراطية والعلمانية باختلاف رأي الأغلبية.
وتحت نظام الديمقراطية الليبرالية أو درجةٍ من درجاتهِ يعيش في بداية القرن الواحد والعشرين ما يزيد عن نصف سكّان الأرض في أوروبا والأمريكتين والهند وأنحاء أخرَى. بينما يعيش معظمُ الباقي تحت أنظمةٍ تدّعي نَوعاً آخر من الديمقراطيّة (كالصين التي تدعي الديمقراطية الشعبية).
ويطلق مصطلح الديمقراطية أحيانا على معنى ضيق لوصف نظام الحكم في دولة ديمقراطيةٍ، أو بمعنى أوسع لوصف ثقافة مجتمع. والديمقراطيّة بهذا المعنَى الأوسع هي نظام اجتماعي مميز يؤمن به ويسير عليه المجتمع ويشير إلى ثقافةٍ سياسيّة وأخلاقية معيّنة تتجلى فيها مفاهيم تتعلق بضرورة تداول السلطة سلميا وبصورة دورية.
أمّا لغويّاً، فالديمقراطيّة كلمةٌ مركبة مِن كلمتين: الأولى مشتقة من الكلمة اليونانية Δήμος أو Demos وتعني عامة الناس، والثانية Κρατία أو kratia وتعني حكم. وبهذا تكون الديمقراطية Demoacratia تَعني لغةً 'حكم الشعب' أو 'حكم الشعب لِنفسهِ'.
الديمقراطية هي حُكمُ الأكثريّة لكن النوع الشائع منها (أي الديمقراطية الليبرالية) يوفر حمايةُ حقوق الأقليات والأفراد عن طريق تثبيت قوانين بهذا الخصوص بالدستور، ويتجلّى كلّ ركنٍ في عدَدٍ من المفاهيم والمبادِئ سوف نبسُطها تالياً. ويندرُ أن تحوذَ دولةٌ أو مجتمعٌ ما علَى هذه المفاهيم كلها كاملةً غير منقوصة، بل أنّ عدَداً من هذه المفاهيم خِلافِيّ لا يَلقَى إِجماعاً بَين دعاة الديمقراطية المتمرّسين.
وهي مفاهيم ومبادِئ مصممةٌ حتَّى تحافظ الأكثريّة علَى قدرتها علَى الحكم الفعّال والأستقرار والسلم الأهلي والخارجي ولمنع الأقليّات من تعطيل الدولة وشلّها:
مبدأ حكم الأكثرية
مبدأ فصل السلطات ومفهوم تجزيء الصلاحيات
مبدأ التمثيل والانتخاب
مفهوم المعارضة الوفية
مفهوم سيادة القانون
مفهوم اللامركزية
مبدأ تداول السلطات سلميا
تبدأُ فكرة التوازن من أنّ مصالح الأكثريّة قد تتعَأرضُ مع مصالح الأقليّات والأفراد بشكلٍ عام، وأنّهُ لا بد من تحقيق توازن دقيق ومستدام بينهما (ومن هنا فكرة الديمقراطية الليبرالية). وتتمدَّد هذه الفكرة لتشملَ التوازن بيَن السلطات التشريعيّة والتنفيذيّة والقضائِيّة، وبين المناطق والقبائِل والأعراق (ومن هنا فكرة اللامركزيّة)، وبين السلطات الدينيّة والدنيوِيّة (ومن هنا فكرة العلمانية).
تعتمد كل أشكال الحكومات على شرعيتها السياسية، أي على مدى قبول الشعب بها، لانها من دون ذلك القبول لا تعدو كونها مجرد طرف في حرب أهلية، طالما ان سياساتها وقراراتها ستلقى معارضة ربما تكون مسلحة. وباستثناء من لديهم إعتراضات على مفهوم الدولة كالفوضويين والمتحررين (Libertarians) فإن معظم الناس مستعدون للقبول بحكوماتهم إذا دعت الضرورة. والفشل في تحقيق الشرعية السياسية في الدول الحديثة عادة ما يرتبط بالإنفصالية والنزاعات العرقية والدينية أو بالاضطهاد وليس بالإختلافات السياسية، إلا أن ذلك لا ينفي وجود أمثلة على الإختلافات السياسية كالحرب الأهلية الإسبانية وفيها إنقسم الإسبان إلى معسكرين سياسيَيْن متخاصمَيْن.
تتطلب الديمقراطية وجود درجة عالية من الشرعية السياسية لأن العملية الانتخابية الدورية تقسم السكان إلى معسكرين "خاسر" و"رابح". لذا فإن الثقافة الديمقراطية الناجحة تتضمن قبول الحزب الخاسر ومؤيديه بحكم الناخبين وسماحهم بالانتقال السلمي للسلطة وبمفهوم "المعارضة الموالية" أو "المعارضة الوفيّة". فقد يختلف المتنافسون السياسيون ولكن لابد أن يعترف كل طرف للآخر بدوره الشرعي، ومن الناحية المثالية يشجع المجتمع على التسامح والكياسة في إدارة النقاش بين المواطنين. وهذا الشكل من أشكال الشرعية السياسية ينطوي بداهةً على أن كافة الأطراف تتشارك في القيم الأساسية الشائعة. وعلى الناخبين أن يعلموا بأن الحكومة الجديدة لن تتبع سياسات قد يجدونها بغيضة، لأن القيم المشتركة ناهيك عن الديمقراطية تضمن عدم حدوث ذلك.
إن الانتخابات الحرة لوحدها ليست كافية لكي يصبح بلد ما ديمقراطياً: فثقافة المؤسسات السياسية والخدمات المدنية فيه يجب أن تتغير أيضاً، وهي نقلة ثقافية يصعب تحقيقها خاصة في الدول التي إعتادت تاريخياً أن يكون انتقال السلطة فيها عبر العنف. وهناك العديد من الأمثلة المتنوعة كفرنسا الثورية وأوغندا الحالية وإيران التي إستطاعت الاستمرار على نهج الديمقراطية بصورة محدودة حتى حدثت تغييرات ثقافية أوسع وفتحت المجال لظهور حكم الأغلبية.
[عدل] تاريخ الديمقراطية
مقال تفصيلي :تاريخ الديمقراطية
[عدل] الديمقراطيات القديمة
إن مصطلح الديمقراطية بشكله الإغريقي القديم- تم نحته في أثينا القديمة في القرن الخامس قبل الميلاد والديمقراطية الأثينية عموماً يُنظر إليها على أنها من أولى الأمثلة التي تنطبق عليها المفاهيم المعاصرة للحكم الديمقراطي. كان نصف أو ربع سكان أثينا الذكور فقط لهم حق التصويت، ولكن هذا الحاجز لم يكن حاجزاً قومياً ولا علاقة له بالمكانة الاقتصادية فبغض النظر عن درجة فقرهم كان كل مواطني أثنيا أحرار في التصويت والتحدث في الجمعية العمومية. وكان مواطنو أثينا القديمة يتخذون قراراتهم مباشرة بدلاً من التصويت على اختيار نواب ينوبون عنهم في إتخاذها. وهذا الشكل من الحكم الديمقراطي الذي كان معمولاً به في أثينا القديمة يسمى بالديمقراطية المباشرة أو الديمقراطية النقية. وبمرور الزمن تغير معنى "الديمقراطية" وإرتقى تعريفها الحديث كثيراً منذ القرن الثامن عشر مع ظهور الأنظمة "الديمقراطية" المتعاقبة في العديد من دول العالم.
أولى أشكال الديمقراطية ظهرت في جمهوريات الهند القديمة والتي تواجدت في فترة القرن السادس قبل الميلاد وقبل ميلاد بوذا. وكانت تلك الجمهوريات تعرف بالـ ماها جاناباداس، ومن بين هذه الجمهوريات فايشالي التي كانت تحكم فيما يعرف اليوم ببيهار في الهند والتي تعتبر أول حكومة جمهورية في تاريخ البشرية. وبعد ذلك في عهد الإسكندر الكبير في القرن الرابع قبل الميلاد كتب الإغريق عن دولتي ساباركايي وسامباستايي، اللتين كانت تحكمان فيما يعرف اليوم بباكستان وأفغانستان، " وفقاً للمؤرخين اليونانيين الذين كتبوا عنهما في حينه فإن شكل الحكومة فيهما كان ديمقراطياً ولم يكن ملكياً"
[عدل] تطوّر القيم الديمقراطية في العصور الوسطى
معظم الديمقراطيّات القديمة نمت في مُدنٍ صغيرة ذات ديانات محليّة أو ما يسمَّى ب المدينة-الدولة. وهكذا فإِنّ قيام الإِمبراطوريات والدول الكبرى مثل الإِمبراطورية الفارسيّة والإِمبراطورية الهلّينية-الرومانيّة والإِمبراطورية الصينية والإِمبراطورية العربيّة-الإِسلامية والإِمبراطورية المغولية في العصور الوسطى وفي معظم البلاد التي كانت تضمُّ الديمقراطيات الأولى قد قضى علَى هذه الدويلات الديمقراطية بل علَى فُرص قيامها أيضاً. لكنَّ هذا لا يعني أنَّ تطَوّراً بٱتجاهِ الديمقراطية لم يحصل في العصور الوسطى. ولكنّ معظم هذا التطوّر حصل علَى مُستوَى القِيَم وحقوق الأفراد الذي نتج عن قِيَم الليبرالية التي نشأت مع فلاسفة التنوير توماس هوبز وجون لوك وإيمانويل كانط قبل تحقيق تقدم ملموس في الديمقراطية وهو الذي أدى إلى ازدهار نموذج الديمقراطية الليبرالية دون غيرها من الديمقراطيات في الغرب.
وقد ساهمت الدياناتُ الكبرَى كالمسيحية والبوذية والإسلام في تَوطيد قِيَمٍ وثقافاتٍ ساعدت علَى ازدهار الديمقراطية فيما بعد. ومن هذه القيم:
فكرة شرعيّة الدَولة.
فكرَة المساواة الكاملة بَين القبائِل والأعراق بشكلٍ عام.
فكرَة المساواة ولو جُزئيّةً بَين الأفراد ولا سيّما بَين الجنسَين وبين الأسياد والعبيد.
أفكار عن المسؤُوليّة والمسَاءَلة والتعاون والشورَى.
الدفاع عن حقوقٍ عديدة مثل افتراض البراءة وحرية التنقل وحقوق الملكية وحق العمل.
لم يكن يوجد في عام 1900 نظام ديمقراطي ليبرالي واحد يضمن حق التصويت وفق المعايير الدولية، ولكن في العام 2000 كانت 120 دولة من دول العالم أو ما يوازي 60% من مجموعها تعد ديمقراطيات ليبرالية. إستنادا على تقارير مؤسسة بيت الحرية [1] وهي مؤسسة أمريكية يزيد عمرها عن 64 عاما، هدفها الذي يعبر عنه الاسم والشعار هو نشر "الحرية" في كل مكان، كانت هناك 25 دولة في عام 1900 أو ما يعادل 19% منها كانت تطبق "ممارسات ديمقراطية محدودة"، و 16 أو 8% من دول العالم اليوم.
إن تقييم بيت الحرية في هذا المجال لا زال مثاراً للجدل فنيوزلندا مثلاً تطبق المعايير الدولية لحقوق التصويت منذ عام 1893 (رغم وجود بعض الجدل حول قيود معينة مفروضة على حقوق شعب الماوري في التصويت). ويتجاهل بيت الحرية بأن نيوزيلندا لم تكن دولة مستقلة تماماً. كما إن بعض الدول غيّرت أنظمة حكمها بعد عام 2000 كالنيبال مثلاً والتي صارت غير ديمقراطية بعد أن فرضت الحكومة قانون الطواريء عقب الهزائم التي لحقت بها في الحرب الأهلية النيبالية. يتخذ توسع الديمقراطية في القرن العشرين شكل الانتقال البطيء في كل بلد على حدة، بل شكل "موجات ديمقراطية" متعاقبة، صاحب بعضها حروب وثورات. وفي بعض الدول تم فرض الديمقراطية من قبل قوى عسكرية خارجية. ويرى البعض ذلك تحريراً للشعوب. لقد أنتجت الحرب العالمية الأولى الدول القومية في أوروبا والتي كان معظمها ديمقراطياً بالاسم فقط كمجمهورية فايمار مثلاً. في البداية لم يؤثر ظهور هذه الدول على الديمقراطيات التي كانت موجودة حينها كفرنسا وبريطانيا وبلجيكا وسويسرا التي إحتفظت بأشكال حكوماتها. إلا أن تصاعد مد الفاشية في ألمانيا النازية وإيطاليا، موسوليني ونظام الجنرالف فرانكو في أسبانيا ونظام أنطونيو دي أوليفيرا سالازار في البرتغال ساهمت كلها في تضييق نطاق الديمقراطية في ثلاثينيات القرن الماضي وأعطت الإنطباع بانه "عصر الحكام الدكتاتوريين" بينما ظلت معظم الدول المستعمرة على حالها لقد تسببت الحرب العالمية الثانية بحدوث إنتكاسة شديدة للتوجه الديمقراطي في أوروبا الشرقية. فاحتلال ألمانيا ودمقرطتها الناجحة من قبل قوة الحلفاء العليا خدمت كنموذج للنظرية التي تلت والخاصة بتغيير النظام، ولكن نصف أوروبا الشرقية أرغم على الدخول في الكتلة السوفيتية غير الديمقراطية. وتبع الحرب إزالة الاستعمار، ومرة أخرى سادت في معظم الدول المستقلة الحديثة دساتير لا تحمل من الديمقراطية سوى التسمية فقط. في العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية إمتلكت معظم الدول الديمقراطية الغربية اقتصاديات السوق الحرة والتي نجم عنها دول الرفاهية وهو ما عكس إجماعاً عاماً بين الناخبين والأحزاب السياسية في تلك الدول أما في الخمسينات والستينات فقد كان النمو الاقتصادي مرتفعاً في الدول الغربية والشيوعية على حد سواء، ومن ثم تناقص ذلك النمو في الدول الشيوعية. وبحلول عام 1960 كانت الغالبية العظمى من الدول أنظمة ديمقراطية بالاسم فقط، وهكذا فإن غالبية سكان العالم كانت تعيش في دول شهدت انتخابات معيبة وأشكالاً أخرى من التحايل (وخاصة في الدول الشيوعية)
لقد أسهمت الموجات المتعاقبة من الدمقرطة في تسجيل نقاط إضافية للديمقراطية الليبرالية للعديد من الشعوب. أما الضائقة الاقتصادية في ثمانينات القرن الماضي فقد ساهمت إلى جانب الإمتعاض من قمع الأنظمة الشيوعية في انهيار الإتحاد السوفيتي وإنهاء الحرب الباردة ودمقرطة وتحرر دول الكتلة السوفيتية السابقة. وأكثر الديمقراطيات الجديدة نجاحاً كانت تلك القريبة جغرافياً وثقافياً من دول أوروبا الغربية، وهي الآن إما دول أعضاء أو مرشحة للإنتماء إلى الإتحاد الأوروبي.
معظم دول أمريكا الاتينية وجنوب شرق آسيا مثل تايوان وكوريا الجنوبية وبعض الدول العربية والأفريقية مثل لبنان والسلطة الفلسطينية – فقد تحركت نحو تحقيق المزيد من الديمقراطية الليبرالية خلال عقد التسعينات وعام 2000. إن عدد الأنظمة الديمقراطية الليبرالية الآن أكثر من أي وقت مضى وهو يتزايد منذ مدة دون توقف. ولهذا يتوقع البعض بأن هذا التوجه سيستمر في المستقبل إلى الحد الذي ستصبح فيه الدول الديمقراطية الليبرالية المقياس العالمي لشكل المجتمع البشري. وهذا التنبوء يمثل جوهر نظرية فرانسيس فوكوياما "نهاية التاريخ"
[عدل] التجربة الديمقراطية الأنكليزية
الديمقراطية المباشرة وتسمى عادة بالديمقراطية النقية وهي الأقل شيوعا وتمثل النظام الذي يصوت فيه الشعب على قرارات الحكومة مثل المصادقة على القوانين أو رفضها وتسمى بالديمقراطية المباشرة لأن الناس يمارسون بشكل مباشر سلطة صنع القرار من دون وسطاء أو نواب ينوبون عنهم. وتاريخياً كان هذا الشكل من أشكال الحكم نادراً نظراً لصعوبة جمع كل الأفراد المعنيين في مكان واحد من أجل عملية التصويت على القرارات. ولهذا فإن كل الديمقراطيات المباشرة كانت على شكل مجتمعات صغيرة نسبياً وعادة ما كانت على شكل دول المدن، وأشهر هذه الديمقراطيات كانت أثينا القديمة، وفي العصر الحالي سويسرا هي أقرب دولة إلى هذا النظام.
الديمقراطية النيابية وهي نظام سياسي يصوت فيه أفراد الشعب على اختيار أعضاء الحكومة الذين بدورهم يتخذون القرارات التي تتفق ومصالح الناخبين. وتسمى بالنيابية لأن الشعب لا يصوت على قرارات الحكومة بل ينتخب نواباً يقررون عنهم. وقد شاع هذا الشكل من الحكم الديمقراطي في العصور الأخيرة وشهد القرن العشرين تزايداً كبيراً في اعداد نظم الحكم هذه ولهذا صار غالبية سكان العالم يعيشون في ظل حكومات ديمقراطية نيابية (وأحياناً يُطلق عليها "الجمهوريات").
وبالإمكان تقسيم الديمقراطيات إلى ديمقراطيات ليبرالية (حرة) وغير ليبرالية (غير حرة). فالديمقراطية الليبرالية شكل من أشكال الديمقراطية تكون فيها السلطة الحاكمة خاضعة لسلطة القانون ومبدأ فصل السلطات، ويضمن دستور الدولة للمواطنين (وبالتالي للأقليات أيضا) حقوقاً لا يمكن إنتهاكها. أما الديمقراطية غير الليبرالية (غير الحرة) فهي شكل من أشكال الديمقراطية لا توجد فيها حدود تحد من سلطات النواب المنتخبين ليحكموا كيفما شاؤوا.إستنادا على كتابات استاذ العلوم السياسية الكندي تشارلس بلاتبيرغ في كتابه من التعددية إلى سياسات الوطنية From Pluralist to Patriotic Politics: Putting Practice First فإن هناك جدل فلسفي حول إمكانية وشرعية استخدام المعايير في تعريف الديمقراطية، ولكن مع هذا فيما يلي مجموعة منها والتي تعد حداً أدنى مقبولاً من المتطلبات الواجب توفرها في هيئة إتخاذ القرار لكي يصح اعتبارها ديمقراطية
وجود مجموعة Demos تصنع القرار السياسي وفق شكل من أشكال الإجراء الجماعي. فغير الأعضاء في الـ Demos لا يشاركون. وفي المجتمعات الديمقراطية المعاصرة الـ Demo هم البالغين من أفراد الشعب والبالغ يعد مواطناً عضواً في نظام الحكم.
وجود أرض يعيش عليها الـ Demos وتُطبق عليها القرارات. وفي الديمقراطيات المعاصرة الأرض هي دولة الشعب وبما أن هذا يتفق(نظرياً) مع موطن الشعب فإن الشعب (Demos) والعملية الديمقراطية تكونان متزامنتين. المستعمرات الديمقراطية لا تعتبر بحد ذاتها ديمقراطية إذا كان البلد المستعمِر يحكمها لأن الأرض والشعب لا يتزامنان.
وجود إجراء خاص بإتخاذ القرارات وهو قد يكون مباشراً كالاستفتاء مثلاً، أو غير مباشر كانتخاب برلمان البلاد.
أن يعترف الشعب بشرعية الإجراء المذكور أعلاه وبانه سيتقبل نتائجه. فالشرعية السياسية هي استعداد الشعب لتقبل قرارات الدولة وحكومتها ومحاكمها رغم إمكانية تعارضها مع الميول والمصالح الشخصية. وهذا الشرط مهم في النظام الديمقراطي، سيما وان كل انتخابات فيها الرابح والخاسر.
أن يكون الإجراء فعالاً، بمعنى يمكن بواسطته على الأقل تغيير الحكومة في حال وجود تأييد كاف لذلك. فالانتخابات المسرحية والمعدة نتائجها سلفاً لإعادة انتخاب النظام السياسي الموجود لا تعد انتخابات ديمقراطية.
في حالة الدولة القومية يجب أن تكون الدولة ذات سيادة لأن الانتخابات الديمقراطية ليست مجدية إذا ما كان بمقدور قوة خارجية إلغاء نتائجها.الديمقراطية كشكل من أشكال الحكم هي اشتِراك الشعب في حكم نفسه، وعادة ما يكون ذلك عبر حكم الاغلبية عن طريق نظام للتصويت والتمثيل النيابي. ولكن بالحديث عن المجتمع الحر فإن الديمقراطية تعني حكم الشعب لنفسه بصورة منفردة من خلال حق الملكية الخاصة والحقوق والواجبات المدنية (الحريات والمسؤوليات الفردية) وهو ما يعني توسيع مفهوم توزيع السلطات من القمة إلى الأفراد المواطنين. والسيادة بالفعل في المجتمع الحر هي للشعب ومنه تنتقل إلى الحكومة وليس العكس.
لأن مصطلح الديمقراطية يستخدم لوصف أشكال الحكم والمجتمع الحر بالتناوب، فغالباً ما يُساء فهمه لأن المرء يتوقع عادة أن تعطيه زخارف حكم الأغلبية كل مزايا المجتمع الحر. إذ في الوقت الذي يمكن فيه أن يكون للمجتمع الديمقراطي حكومة ديمقراطية فإن وجود حكومة ديمقراطية لا يعني بالضرورة وجود مجتمع ديمقراطي. لقد إكتسب مصطلح الديمقراطية إيحاءً إيجابياً جداً خلال النصف الثاني من القرن العشرين إلى حد دفع بالحكام الدكتاتوريين الشموليين للتشدق بدعم "الديمقراطية" وإجراء انتخابات معروفة النتائج سلفاً. وكل حكومات العالم تقريباً تدعي الديمقراطية. كما إن معظم الآيديولوجيات السياسية المعاصرة إشتملت ولو على دعم بالاسم لنوع من أنواع الديمقراطية بغض النظر عما تنادي به تلك الآيديولوجيات. وهكذا فإن هناك إختلافات مهمة بين عدة أنواع مهمة من الديمقراطية.
تمنح بعض الأنظمة الانتخابية المقاعد البرلمانية وفق الأغلبية الإقليمية. فالحزب السياسي أو الفرد المرشح الذي يحصل على معظم الأصوات يفوز بالمقعد المخصص لذلك الإقليم. وهناك أنظمة انتخابية ديمقراطية أخرى، كالأشكال المتنوعة من التمثيل النسبي، التي تمنح المقاعد البرلمانية بناءَ نسبة الاصوات المنفردة التي يحصل عليها الحزب على المستوى الوطني.إحدى أبرز نقاط الخلاف بين هذين النظامين يكمن في الإختيار بين أن يكون لديك ممثل قادر على أن يمثل إقليما أو منطقة معينة من البلاد بشكل فاعل، وبين أن تكون كل أصوات المواطنين لها قيمتها في اختيار هذا الممثل بغض النظر عن مكان إقامتهم في البلد. بعض الدول كألمانيا ونيوزيلندا تعالج هذا النزاع بين شكلي التمثيل هذين بتخصيص نوعين من المقاعد البرلمانية الفيدرالية. النوع الأول من المقاعد يتم تخصيصه حسب الشعبية الإقليمية والباقي يتم تخصيصه للأحزاب بمنحها نسبة من المقاعد تساوي – أو ما يساوي تقريباً – الأصوات التي حصلت عليها على المستوى الوطني. ويدعى هذا بالنظام المختلط لتمثيل الأعضاء النسبي.